LIKE ME !!
منذ أسبوع كنت في زيارة مع صديق عزيز إلى أحد المطاعم في الكويت - و الكويت تحولت إلى سلسلة من المطاعم تتناثر المنازل بينها - و بينما نحن نقوم بالطلب دخلت ثلاث فتيات الى المطعم و قبل حتى أن يجلسوا إلى طاولتهن توقفت إحداهن عند الباب (بدلع) و طلبت من صديقتها التقاط صورة لها كأنها قامت بافتتاح المطعم لتوها!
و تيك !!
التقطوا الصورة و بدأن بالضحك – بصراحة لا اعرف ما سبب الضحك بعد الصورة لكني اعتدت ألا أشغل تفكيري بما تفعله الفتيات بصفة عامة – قبل أن يجلسوا إلى أحد الطاولات ليبدأن الإحتفال بهذا النجاح الساحق ..
و لم يكن الموضوع بحاجة إلى ذكاء خارق لتعرف أن هذه الصورة التقطت خصيصًا لبرنامج (الإنستغرام) الذي تحول بقدرة قادر إلى ظاهرة يصعب السيطرة عليها في الكويت بصورة خاصة و الخليج بصورة عامة ..
و لمن لا يعرف (الإنستغرام) – و هو أمر وارد إذا كنت تعيش في كهف ثلجي في القطب الشمالي خلال 15 عامًا الأخيرة – فهو برنامج للتواصل الإجتماعي مخصص للأجهزة المحمولة يتم من خلاله المشاركة بالصور بين الأعضاء..
و طبعا كهواية الكويتيون في إعادة اكتشاف الأمور و تطويرها فقد تحول هذا البرنامج اللطيف الى ساحة صراع اجتماعية ضارية تسيل فيها الدماء الرقمية كل يوم لتلوث كل ما هو نبيل وطاهر على كوكبنا الجميل !!
فهذه الفتاة لا تقوم بوضع علامة الإعجاب (LIKE) على صور أحد صديقاتها لأنها على خلاف معها !! بل يا ويل صديقتهم المشتركة إن قامت بوضع (LIKE) لهذه الفتاة !!
بينما أخرى تتابع حساب زوجها سرًا لترى إن كان يتابع أو (يتحرش) بأي من الفتيات !! و آخر يمنع زوجته من المساس بهاتفه حتى لا تشاهد الصور التي يتشارك بها في (الانستغرام ) وفي الغالب صور لو رأتها زوجته لفرت من المنزل لتنجو بحياتها من قدرته على المرح !
هذا ناهيك عن المحتوي العربي الرديء ففي دراسة لطيفه قام بها زميل لي متخصص في الإحصاء اكتشف أن الحسابات الخليجية هي أكثر الحسابات التي تقوم بإعادة إرسال الصور من الانترنت عبر حسابهم (الانستغرام) في مخالفة واضحة لفكرة البرنامج القائمة بالأساس على التصوير بجهازك و ليس مشاركة ما يعجبك في فضاء الانترنت و لو أراد (الانستغرام) فتح هذا المجال لهذا النوع من الصور لوضعوا ميزة تحميل الصور من جهاز الكمبيوتر و هو ما لم يقم به البرنامج حتى الآن للحد من هذه الظاهرة !!
هذه ليست المصيبة الوحيدة في الحسابات العربية فإن القلة القليلة التي تشارك بصورها تضع صور وجباتهم التي يتانولوها !! و لا أحد يعرف حتى اليوم ما الحكمة من موضوع صور الطعام هذه !!
أهي محاولة لتعذيب الحيوانات التي قاموا بأكلها أم هو نوع من التفاخر كما كان الإنسان البدائي يرتدي عظام الحيوانات التي اصطادها !
المشكلة ان البعض 90 % من صور حسابتهم هي عن المأكولات !! و يتفنن البضع و يضع صورة الطعام بعد اكلة !! او اخذ قضمة منه !! و هي غالبا مناظر مقززة و مرعبة لا تصلح لمن هم دون الثامنة عشر !!
و طبعا كحالة طبيعية فقد انتقلت بعض الأمراض النفسية من مستخدمي (التويتر) إلى مستخدمي (الإنستغرام) فأصبح هناك أشخاص يعشقون أن يكون عدد من يتبعهم أقل بكثير من يتبعوه حتى يظهر بمظهر الشخص ذو المعجبين ! مع إن فكرة البرنامج أساسًا قائمة على التبادل الفكري و ليست على تلقين صور بطولاته و آخر صولاته و جولاته في شتى مجالات الحياة للجمهور العريض الذي يتبعه !!
بصوره عامة الحديث عن (الإنستغرام العربي) حديث له شجون و يطول فلن أتحدث عن عملية شراء ( الفلورز) في (الانستغرام) أو شراء ال(لايكات) للصور و هي عملية رائجة جدا في الخليج للزوم (الكشخة) !! و لو كنت مكان (مارك زوكنبرغ) – المالك الحالي للانستغرام بحكم ملكيته للفيس بوك والتي اشترت البرنامج بصفقة خياليه تقشعر لها الابدان – لقمت بحملة لنفض الحسابات الخليجية و العربية قبل أن يتفاقم الوضع للدرجة التي قد نجد معها من يضعون صورهم وهم نائمون أو وهم يتظاهرون بالشرود أو من قد يستبد بهم الحماس ليضعوا صورهم و هم على فراش الموت !!